الأربعاء، 1 يناير 2014

هبه السويدي تنعي خير و اكرم واحن الرجال..



هبه السويدي 


رجل الاعمال  هلال السويدي  

هبه السويدي  سيدة أعمال من عائلة شهيرة لا تحب الشهرة ولا الأضواء ,ووهبت نفسها للعديد من المشروعات الخيرية، هي انم المصابين بحق، تجمع لهم التبرعات ممن تعرفهم وتثق بهم، وتدفع من جيبها الملايين لعلاجهم، وتتفق مع المستشفيات لتخفيض نفقاتهم، وتذهب للسفارات للاتفاق معها على علاج العديد من مصابى الثورة فى الخارج على نفقة هذه الدول أو على نفقتها الشخصية .
شاركت كذلك فى علاج بعض مصابى ثورة ليبيا والتأهيل النفسى للسيدات الليبيات اللاتى اغتصبهن مرتزقة القذافى. 
واليوم ترثي هبه السويدي والدها في رساله نشرتها عبر صفحه التواصل الاجتماعي (فيس بوك ) الخاصه بها  


أحقا رحلت يا ابي؟
رحلت عنا يا ابي بدون وداع..
اخترت أن تمشي دون حتى أن تلقي علينا كلمة سلام...
كم انت رحيم بنا حتى حين قررت الرحيل،استغرقت في غيبوبتك ثلاثة شهور ظنا منك أنك تؤهلنا الى لحظة الفراق لطفا بنا كي لا نجزع..
قاومت الرحيل كل هذه المدة لكي تنتظر أولادي يعودوا الى مصر و قررت أن تستسلم ظنا منك أن وجودهم سيخفف عني فراقك..
أخطأت يا ابي في كل حساباتك هذه المره..فليس لمخلوق أن يملأ مكانك أبدا أو يعوضني انا و أمي و أخواتي عنك يا أغلى الناس..
ابي الغالي عقلي يعجز على أن يصدق و قلبي يأبى أن يعترف و لساني لا يستطيع أن ينطق بانك قد ....، لا لا استطيع أن انطق بها..
حين خرج الطبيب من غرفتك و أخبرنا بانك أسلمت الروح لم أصدقه و كنت على يقين بانك ستعود، و صرخت فيه و ترجيته أرجوك اذهب أبوس أيدك روح حاول تاني بابا مش حيروح و يسيبنا انا عارفه هو قوي مش حيستسلم، و لكن أجابني خلاص يا هبه.. حينها تذكرت يا ابي حين رأيتك في المنام بعد دخولك في الغيبوبة بثلاثة أيام، حينها سألتك لماذا رحلت يا ابي أجبتني انا طلبت من المصطفى أن أنام..فقد طلبت من خير البريه أن ينيمك فقد اشتقت لمقابلة وجه ربك الكريم..
و تذكرت يا ابي انك كنت تستعد لهذا اليوم من أكثر من ستة اشهر، حين كنت اجلس الى جانبك و انت تستعد لدخول سريرك لتنام قلت لي انا بقالي فتره بتشاهد قبل ما أنام علشان لو مت و انا نايم أموت على شهادة،انا خلاص جاهز اي وقت ربنا يختار ياخدني فيه، جعلتني يا ابي ابكي و قلت لك ليه يا بابا عاوز تمشي و حتسيبني لمين انا ماليش غيرك.. و لكنك صدقت يا ابي فقد أصابك نزيف المخ و دخلت في غيبوبتك و انت نائم و قد نطقت الشهادة قبل أن تنام و كأنك كنت تشعر يا ابي بان أجلك قريب..
استغرقتني عدة ساعات حتى تمكنت يا ابي أن ادخل عليك بعد أن أسلمت الروح، اه يا ابي حضنك و رائحتك كم سأشتاق إليها، ياه كيف سأصبح كل يوم دون أن أبوس يدك و أخذ رضاك، من سيطلبني كل يوم ليسأل و يطمئن علي و يقول لي مش عاوزه حاجه ناقصك حاجة، من سيجبر بخاطري و يطبطب على كتفي، من سيكتب لي شعرا بعد اليوم، من سيخاف علي حتى من نسمة هواء بارده كي لا أمرض، من سيرضى عني و يدعوا لي كي يبارك لي ربي، من سيشجعني و يقول لي انا فخور بك امضي في طريق الخير يا خليفتي، من سيكون أماني و سندي، من سأرمي نفسي بين يديه و القي بهمي و ألمي على كتفيه، من و من ومن ... احتاج الى صفحات كثيره و لن تكفي لأقول لك كم أفتقدك و اشتاق إليك و انت مازالت ترقد أمامي جثة هامده تحيط بها الملائكة، يخرج منها رائحة مسك و عنبر، سكون و سكينه تحيط بارجاء غرفتك،
و كيف لا ؟ كيف لا يا خير الرجال ، و اكرم الرجال، و احن الرجال..
انا كنت تقريبا فاقدة للوعي امس في صلاة الجنازة و سقطت و أغمى علي و انا أقف عند قبرك فلم أرى و لم اسمع شئ و لكن حكوا لي و سألوني ما كل هذا الحب الذي يحبه الناس لابيكي، لم نرى صلاة جنازة و لا دفنه فيها ناس بهذا العدد كلهم يدعون له و يأبون أن يغادروا المدفن لاكثر من ساعتين و نصف كي يدعوا له، فعلا من احبه الله حبب فيه عبده.
حينها تذكرت قوله تعالى (( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيءٍ أحصيناه في كتاب مبين ))
لقد قرات يا ابي سورة يس مرات و مرات و لم أقف عند هذه الايه و لم أفهم معنى و آثارهم إلا في هذه اللحظة، فالسر في تلك الآثار و البصمات الطيبة التي يخلفها الانسان من بعده، و التي تكون كرائحة المسك التي تتناثر في المكان ليشتمها كل من يجلس أو يعبر بجانبها و لو من بعيد، تلك الآثار تنقش في القلوب بالحب لصاحبها فكلما تذكروه دعوا له و يتوارث سيرتها الأجيال فلا تمحى أبدا..
و هذا هو حالك يا ابي فالناس لا تعرف من هو هلال السويدي و لو علموا فهم لم يعلموا عنك إلا القليل الذي جعلهم يحبونك و حتى ان لم يروك و لكن احبوك فقط من طيب سيرتك. فما بالك يا ابي بي انا و انا ابنتك أو كما يقولون هلال روحه في هبه و هي روحها فيه.
يقول لي الجميع ماكل هذا الحب، كلنا فقدنا آباؤنا و لكن تماسكنا، فأقول لهم لكن ابي ليس ككل الآباء و لا الرجال و لا الناس جميعا. فهذا الحب لم يأتي من فراغ يا ابي فهو حب و عشق لقلبك الرحيم، الحنون ، المتسامح ، هو احترام و تقدير لمبادئك و كرم أخلاقك، هو فخر بإنسانيتك و ادميتك التي تنحي لها الملوك...
لم أرى في حياتي مثلك يا ابي....
كنت محبا للناس، حلو اللسان، طيب الكلام، تجبر خاطر الفقير قبل الغني، الضعيف قبل القوي، مافي يدك لغيرك دائماً ، زاهدا في الدنيا، عاشقا لله و رسوله، فخورا بدينك، خادما للناس لأنك سيد للناس يا أغلى الناس..
ابي لقد أحبك ممرضينك اللذين سهروا عليك و خدموك بأعينهم و انت في غيبوبتك و هم لم يعرفونك سابقا، و كانوا يقولون كم نتمنى ان يفيق لكي نتعرف عليه، فما بال الناس بمن عاشرك سنينا طويلة...
ان يجتمع الناس جميعا على محبة شخص و ان يذكروا له طيب سيرته العطره هذا حبا من الله جعله في قلوبهم، و كيف لا؟
لقد ابتلاك الله في صحتك من و انت شاب صغير، منذ ان وعيت انا على الدنيا و انا اعلم انك مريض..عشنا معك تاريخ معاناتك مع مرضك و لم نرك يوما متذمرا و لا ناقما و لا حزينا، بل كنت دائم الرضا و الابتسامة، كان وجهك يشع نورا حتى في أحلك الأيام و اشد الآلام...
لقد كنت يا ابي أسطورة من أساطير الزمان، قليل من هو مثلك..
كم انا فخورة باني ابنتك... كم انا ممتنه باني ابنة هذا الرجل العظيم العصامي...و هذه السيدة التي تنحني لها القلوب لوقوفها الى جانبك و صبرها على مرضك...
تزوجت انت و أمي في مصر و كنت شابا غاية في الجمال و اضطررت الى انت تترك بلدك و تغادر الى السعودية و بدأتم حياتكم من الصفر، انت يا من كنت ابن مصر الغالي و صاحب محلات تجارية و أمي يا من تربت في قصور الملوك لم تأبى نفسكم ان تعيشوا على حصير و كراسي بلاستيكية... كنت تحمل أنابيب البوتاجاز و التكيفات على ظهرك لتركبها في بيوت الناس، و أمي معك تعيينك لتشق طريقك... اذكر يا ابي السياره النصف نقل التي لم تصلح بابها لسنوات وأمي تمسكه بيدها كي تبنوا حياتكم سويا... و فتحها الله عليكم بتعبكم و سمعتم العطره التي جعلتك موضع ثقة لكل الناس، و حينها لم تنسى بلدك و مسقط رأسك بل كنت خير ابن لهذه البلد و هذه القرية التي تقع في محافظة الشرقية...جعلك الله سببا لفتح بيوت كثير منها و خدمتهم...لم تنسيك الدنيا و المال انت من و لا انسانيتك، لم يصيبك الكبر و لا الغرور يوما، بل اشهد لك بانك كنت تمسح ارض المرحاض يوميا الى ان أنامك الله في غيبوبتك، و عندما كنت أسالك ليه يا بابا بتعمل كده كنت تجيبني كي أكسر نفسي فلا أنسى أبدا اني من التراب و الى التراب أعود...
ان كنت اصف إنسانا عاش حياته في عطاء بلا حدود و أنفق ماله لله و في الله دون ان يتفوه أو يتكلم أو يرائي بعمله أو يتفاخرفهو انت يا ابي، لم تكن تعلم يمينك ماذا أنفقت شمالك، لم يعلم أحدا و لن يعلم الخير الذي أفنيت عمرك في عمله إلا الله و نحن يا ابي...فلا املك انا إلا ان أحاول ان أكمل مسيرتك و ليتني أكون مثلك يوما أو حتى جزء منك...
أما انت يا أمي فهنيئا لأبي انك كنت زوجته، اشهد الله انك كنت خير زوجة و خير رفيقة درب، خدمته بقلبك و كل ما أعطاك الله من قوة الى آخر يوم في حياته افضل خدمة ممكن ان يقدمها إنسان على وجه الأرض. فلا تحزني يا أمي العظيمة فانت لم تقصري في حقه و خدمته يوما ليت كل النساء مثلك..ليت كل الزوجات نصفك..ليت كل الأمهات ربعك.. يا أعظم النساء على وجه الأرض..
لو كتبت فيك يا ابي و في أمي كتبا لا أو فيكم حقكم أبدا..فهنيئا لي و لإخوتي ان جعل لنا أبا و أما صالحين، خيرين، راضين مرضيين..
اللهم اكرم ابي في الآخرة كما أكرمنا في الدنيا...
اللهم ارحم من اشتاقت اليه قلوبنا وهو تحت التراب..
اللهم ارحم والدي وأغفر له ووسع مدخله و آنسه في وحشته...
اللهم يا رحمن يا رحيم يا واسع الغفران اغفرله وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس...
اللهم ابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وادخله الجنه واعذه من عذاب القبر وعذاب النار...
اللهم عامله بما انت اهله ولا تعامله بما هو اهله...
اللهم اجره عن الاحسان احسانا وعن الاساءة غفوا وغفرانا
اللهم ان كان محسنا فزد فى حسناته وان كان مسيئا فتجاوز عنه يارب العالمين...
اللهم ادخله الفردوس الاعلى من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب...
اللهم انسه فى وحدته وانسه فى وحشته وانسه فى غربته..اللهم انزله منزلا مباركا وانت خير المنزلين...
اللهم انزله منازل الشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا...
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنه ولا تجعله حفره من حفر النار...
اللهم افسح له فى قبره مد بصره وافرش له من فراش الجنه...
اللهم اعذه من عذاب القبر وجاف الارض عن جنبيه...
اللهم اجعله ممن يورثون الجنان و يبشرون بروح و ريحان و رب غير غضبان...
اللهم أجزي ابي خير الجزاء عن كل قطرة عرق نزلت من جبينه سعيا على رزقنا، اللهم ارفعه بها درجات في جنانك و حرم عليه حر الآخرة يا كريم...
اللهم اسقه من نهر الكوثر على يد خير البرية شربة هنيئة لا يظما بعدها أبدا...
يارب سامحني ان كنت قد قصرت في حقه يوما، و سامحني على اي لحظة حزن كنت سببا ان يعيشها...
يارب تكون يا ابي قد توفيت وانت راض عني...
فطوبى لك يا ابي..يا من كنت مفتاحاً للخير .. مغلاقاً للشر .. تجري على يده مصالح الخلق .. ومنافع العباد ..
أحبك حب العشيقة لعشيقها،،يا سندي و مأواي و حبيبي يا ابي، يا أغلى الرجال، يا أعظم الرجال، يا من تكمن في قلبي و أحشائي و تعيش للأبد في كياني، يا سيدي و سيد قلبي و روحي يا أغلى الناس ...

ابنتك هبه هلال السويدي




ليست هناك تعليقات: