الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

صالح زينو...... الوجه الاخر لسوريا الاسد




صالح زينو 


كتب : عماد الخطيب *


 يتعب المحقق من ضربي ، يأخذ أنفاس متقطعة ، لاهثاّ :  "والله لورجيك الله بالألوان يا ابن الكلب" .

نعم لطالما عاش ابي ككلب في ظل حكومتكم , ووجودي هنا ليس إلا لرفضي صفة الكلب على ابنائي في

المستقبل.

 أحاول فتح عيني التي تملأها الدماء , لأرى صاحب الوجه المحتقن ، يدايا مشنوقتان إلى السماء ، وكامل

جسمي المخدر يقف على قدمي اليسرى ، ويتبادر إلى ذهني سؤال هل إذا ما بدلت رجلي اليسرى باليمنى

سينتبه ؟ في حال نجاحي... سأعلن انتصاري .

لأكتشف لاحقا أنه في الصراع الأبدي بين السجين والسجان، ان كل انتصارات السجين ستكون من هذا العيار .
" تيم الدمشقي "

 هكذا كان صالح زينو عندما سافر يوما على دراجته النارية إلى اللاذقية , متغلب على متاعب السفر ,

وصعوبته ولكنه فشل في معركته مع السجان , والبقاء على قيد الحياة .
 




































صالح زينو من مواليد 1985 ,من بلدة كفربطنا في الريف الدمشقي ,كان يعمل حداد سيارات في بلدته ,من

عائلــة فقيــرة وهو ُمــعيل لأهله وأخوته الثلاث , عرف عنه الشجاعة والكـــرم ونـــبل الاخلاق , سجن في 

1يناير2011افرج عنه  12نوفمبر 2013
   

أختفى صالح بعد مروره على احد الحواجز في بدأ الاحداث, وقبل أن يكون هناك كفاح مسلح ,أي عندما كان

يقال : "عصابات ارهابية تطلق النار على المدنيين وعلى رجال الشرطة ".

صرح الاعلامي ( تيم الدمشقي ) الناطق باسم القيادة العسكرية لدمشق وريفها  - تنسيقية كفربطنا وهو

سجين سابق في فرع (حرستا)  للمخابرات الجوية لمدة ثلاث اشهر , وكان مع صالح في السجن :

 كان (صالح زينو) سجين المهجع رقم 4 حيث التقيت به هناك بفرع (حرستا)  ,ولقد كان شاب هادي جرئ ,

ومن الاحاديث الذي دار بيننا عن كيفيه دخوله السجن ، حيث قال :" كانوا يريدون القبض على احد ما ، فلم

يجدوه فأخذوني عوضا عنه , ربما لأني أقود دراجة نارية , ولكن لايوجد لي أسم حتى في سجلات السجن ،

إذا  انه عندما اعتقلوني نسي الملازم أول ويٌدعى حيان تسجيل أسمي حتى أن جميع السجناء الذين دخلوا

معي السجن خرجوا إلا أنا . "

 ويصف تيم حالة صالح النفسية في السجن :  "كثير ما كان ينتاب صالح نوبات غضب شديدة مما يدفع

الحراس إلى ضربه بقسوة وفي كثير من الاحيان كانوا يأخذونه إلى المنفردة لمدة أسبوع على الاقل . "

لا توجد هناك مواصفات دقيقة للفرع ولكن يصفه تيم بأنه كالتالي :

 يتألف الفرع من مبنيين : الأول للإدارة والأخر سجن ومطبخ وغرف للتحقيق ، ويتألف بناء السجن من ثلاث

طوابق اثنان تحت الارض وهما عبارة عن :

الطابق الأخير: تحت الارض يتألف من ست مهاجع  , مرقمة من الواحد حتى ستة ,الغرفة رقم واحد و اربعة 

تسمى بغرف الماء ,  وهي غرف مليئه  بالماء , وينقط سقفها ماء , والسجناء في هذه الغرفة هم  الأكثر

تعذيبا بالفرع, وحالتهم الصحية سيئة للغاية ، كما يحتوي على باحة تطل على سماء, ويوجد فيها أكثر من

ألف سجين , وتحتوي الباحة على المرافق الصحية ، كما يحتوي الطابق الارضي على ممر يوجد فيه ثمان

غرف  ,  مساحة الواحدة متر بمتر وتسمى "بالمنفردة" .

أما الطابق الاوسط تحت الارض يوجد فيه غرف التحقيق والتعذيب  ,أما الطابق الاول فوق الارض يوجد فيه

المطبخ .

 بينما يتحدث تيم عن طـرق التحقيق والتـي تنتمي إلى العــصور الوسطــى, وانتهـــاكات جســـدية ونفســـــية

للمعــتقلين ، وتبدأ بالفلقة  (الفلكه ) وتنتهي بإعدام ميداني , كما حدث مع احد المعتقلين يدعي أحمد الكردي  

من ركن الدين في دمشق ، وهو أب لثلاث بنات ويعمل في تصليح السيارات , وذلك عندما بصق على وجه

المحقق ، لترمى جثته في مكان ما ويقال عنه شهيد مجهول الهوية .

وعن الحالة الصحية للسجناء صرح ( تيم ):

  معظم سجناء السجن حالتهم الصحية سئية جدا ، إذ ان المهاجع لا يوجد فيها منافذ تهوية , مما يصيب

السجناء بحالة اختناق خصوصا وقت الصيف , وقد يموت بعضهم جراء نوبات الربو  ، والمرافق الصحية

مؤلفة من مرحاض فقط  , ولا يوجد حمامات كما لا يوجد ادوات تنظيف , ولا حتى صابون للحمام إذا احب

احدهم ان يستحم في المرحاض .

 وكل يوم يأتي الطبيب مرة واحدة فقط  , ليسأل إذا أحدهم مصاب ليكون العلاج الشافي حبة" سيتيمول او

ديكلون " , أي حبوب مسكنة للآلام , فيما عدا ذلك إذا اضطرت لنقر الباب في الليل سيتسبب ذلك بمعاقبة

جميع السجناء داخل المهجع , ومعاقبة من طرق الباب اسبوع بالمنفردة .


أما الطعام فلا يختلف حال السجناء عن حال أهل الغوطة الشرقية ابدا  ،فالنظام السوري معروف بكرمه

خصوصا لأسراه ، فالطعام عبارة عن وجبتين : الوجبة الصباحية تتألف من ربع رغيف خبز وقليل من

الزيتون الغير مطبوخ --  أي انه مقطوف من الشجرة فقط - وفي أحسن الحالات بطاطا مسلوقة ,  أما الوجبة

المسائية تكون عبارة عن برغل منقوع بالماء , او رز مسلوق, وكل اسبوع هناك وجبة لحمة ومؤلفة من

دجاجة واحدة لكل عشر سجناء , وجميعها خالية من الملح , أما عن السكر فيقول تيم : أن خلال المدة ثلاث

اشهر التي قضاها في المعتقل  لم يتذوق طعم السكر ابدا !


 ويبقى فرع حرستا للمخابرات الجوية واحد من أذرع النظام الاخطبوطية ، للسيطرة على سوريا واختصار

الجمهورية العربية السورية بسوريا الاسد ، وما قصة صالح زينو إلا قصة من قصص السوريين، ومعاناتهم

من سادية نظام الدكتور الممانع المتعلم  فليست غريبة عن من قتل الطفل حمزة الخطيب في بداية الثورة ،

بقتل صالح زينو اليوم  .



دخل صالح السجن في 1يناير 2011 ليتم نقله إلى  مستشفى  حرستا القريبة نسبيا للفرع ، وليتم إعلان الوفاة

والاتصال  بمختار كفربـــطنا وبــأهل صالح ليتم تســـليم الجثة ، دخـــــل 85 كجـــم وخرج 30كـجــم  فقط  وتوفي  في 

12نوفمبر 2013  .




ليست هناك تعليقات: