الجمعة، 25 أكتوبر 2013

تطور قضيه التجسس الامريكى على اوروبا


 معضلة الأوروبيين أنهم يرغبون في المحافظة على علاقاتهم بواشنطن ويرفضون تجسسها عليهم (رويترز)
دفع اتساع حجم فضيحة التجسس الأميركية القادة الأوروبيين الذين يشعر معظمهم بالاستياء، إلى مطالبة واشنطن بالالتزام "بمدونة حسن سلوك"، بعدما أعلنت إسبانيا أيضا استدعاء السفير الأميركي في مدريد لطلب توضيحات.
ويأتي هذا القرار لرئيس الوزراء ماريانو راخوي إثر كشف معلومات جديدة في الصحف تشير إلى أن وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست على أعضاء في الحكومة الإسبانية بينهم سلفه خوسيه لويس ثاباتيرو.
وكانت صحيفة ذي غارديان البريطانية قد نشرت أن 35 من زعماء العالم -بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل- تم التنصت على اتصالاتهم.
كما كشفت صحيفة لوموند الفرنسية اليوم أن باريس تشتبه في وقوف أجهزة الاستخبارات الأميركية وراء الهجوم الإلكتروني الذي استهدف الرئاسة الفرنسية في مايو/أيار 2012.
توتر كبير
وأقرت ليزا موناكو مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للأمن الداخلي بأن هذه المعلومات التي تتكشف منذ يونيو/حزيران الماضي، أحدثت توترا كبيرا في علاقات واشنطن مع بعض شركائها المقربين.
وقررت ألمانيا بدورها إرسال مسؤولي مخابرات كبار إلى واشنطن الأسبوع القادم بغية الحصول على إجابات من البيت الأبيض بشأن مزاعم عن قيام مسؤولي أمن أميركيين بمراقبة الهاتف المحمول الخاص بميركل.
برلين سترسل وفدا من كبار المسؤولين
في مخابراتها إلى واشنطن
 (الجزيرة)
وسترسل برلين رئيس وكالة المخابرات الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات الداخلية، وقد ينضم إليهم رونالد بوفالا مدير مكتب ميركل وهو المسؤول عن أجهزة المخابرات.
وقال أعضاء لجنة الحريات المدنية في البرلمان الأوروبي إنهم سيسافرون أيضا إلى واشنطن لإجراء محادثات يوم الاثنين وبحث التعويضات القانونية المحتملة لمواطنين أوروبيين عن التجسس. ويضم الوفد الأوروبي تسعة أعضاء وسيلتقي كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية والمخابرات.
وكانت فرنسا وألمانيا قد تقدمتا بمبادرة مشتركة مدعومة من الدول الأوروبية الأخرى لإيجاد أرضية تفاهم مع الولايات المتحدة قبل نهاية العام بشأن مسائل التجسس، إثر الكشف عن مزيد من أنشطة التجسس الأميركية على هذه الدول.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أثناء مؤتمر صحفي في ختام اليوم الأول من قمة أوروبية في بروكسل "لا بد من وضع حد لهذه الأنشطة والمطالبة بتوضيحات".
وتابع "هذا ما فعله الأوروبيون هذا المساء وبالإجماع، إذ اعتبروا أن هناك مع حليفنا الأميركي عددا من التوضيحات" الواجب تقديمها.
وقدمت المبادرة الفرنسية الألمانية عند افتتاح القمة "بهدف التوصل -قبل نهاية العام الجاري- إلى اتفاق حول العلاقات المتبادلة" بين الأوروبيين والأميركيين في مسائل التجسس، وفق ما أعلنه رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي.
قواعد مشتركة
وأوضح فان رومبوي أن المطلوب إنشاء مجموعة يمكن للدول الأعضاء الأخرى الانضمام إليها من أجل إيجاد قواعد مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن أنشطة التجسس، محذرا من أن "فقدان الثقة يمكن أن يضر بالتعاون على صعيد التجسس".
وقال "جميعنا متفقون على النص.. جميع الدول الـ28"، بينما أفادت معلومات بتمنع من جانب بريطانيا -الحليف التقليدي للولايات المتحدة- التي اتُهمت هي أيضا بالتجسس على دول أوروبية أخرى ولا سيما إيطاليا.
هولاند: هناك عدد من التوضيحات المطلوبة
من الحليف الأميركي
 (رويترز)
ورغم ذلك يبدو أن قادة الاتحاد الأوروبي حريصون على استمرار العلاقات القوية التي تربط بلدانهم بالولايات المتحدة.
وفي ما عدا التصريحات الاحتجاجية، لم يتخذ رؤساء دول وحكومات الاتحاد المجتمعون في بروكسل أي إجراء انتقامي حيال واشنطن.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي إيليو دي روبو إن الأمر لا يتعلق بتصعيد غير مجدً للضغوط مع واشنطن، ملخصا بذلك الحالة الذهنية العامة.
وهكذا أبدى قادة الدول الـ28 وحدة شكلية "لأخذ علم" بالمبادرة التي أطلقتها فرنسا وألمانيا لإجراء مباحثات ثنائية مع الولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق على العلاقات المتبادلة في هذا المجال.
وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر "سنسعى إلى وضع مدونة حسن سلوك مع الولايات المتحدة بشأن ما يمكن قبوله وما لا يمكن قبوله".
وفي البيان المشترك اعترف الأوروبيون بأن جمع المعلومات يشكل عنصرا أساسيا في مكافحة "الإرهاب" وهو المبرر الذي تسوقه واشنطن باستمرار، لكنهم حذروا من أن "عدم الثقة يمكن أن يضر بالتعاون اللازم" في هذا المجال.
ولخص رئيس الحكومة الفنلندي يركي كاتينين معضلة الأوروبيين قائلا "علينا المحافظة على العلاقات بين الأطلسي، والتأكيد في الوقت نفسه أن ذلك التجسس غير مقبول".
حرص على العلاقات التجارية
ولذلك رفض القادة الأوروبيون أي فكرة لتعليق مفاوضات التبادل الحر التي أطلقت مؤخرا مع الأميركيين.
كما قررت عدة دول مثل بريطانيا وإسبانيا عدم إثارة غضب الولايات المتحدة بالانضمام إلى المبادرة الفرنسية الألمانية، وأكد راخوي أن مدريد ستبقى "شريكا وحليفا" لواشنطن.
من جانبه اتهم رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون مسرب المعلومات عن التجسس الأميركي إدوارد سنودن وصحفا لم يسمها، بتقديم المساعدة لأعداء بريطانيا لتفادي المراقبة من قبل الاستخبارات، وشدد على أن قضايا الاستخبارات من الاختصاصات الوطنية لكل دولة وليست من اختصاصات الاتحاد الأوروبي.
وقال في أشد تعليق له ضد سنودن حتى الآن، إن المعلومات التي سربها ستجعل من الصعب على بريطانيا ودول أخرى حماية مواطنيها من أذى أناس يسعون لإيقاع الأذى بهم.
وانتقد زعيم الاشتراكيين في البرلمان الأوروبي الألماني هانس سفوبودا بشدة موقف قادة الاتحاد الأوروبي، وقال إنهم مهتمون فقط -على ما يبدو- بعمليات التنصت غير المقبولة على هواتفهم المحمولة ولا يلقون بالا لحماية البيانات الشخصية لـ500 مليون مواطن أوروبي.

ليست هناك تعليقات: